نجح فريق التطوير البريطاني Supermassive من تحقيق نجاح مميز ومردود جيد لدى اللاعبين مع عنوان الرعب Until Dawn الصادر حصريا لجهاز PS4 من خلال نظام الاختيارات المتفرع والقصة الغامضة والشخصيات المثيرة للإهتمام وعنصر الرعب الذي تم توظيفه بشكل رائع، وبعد فترة من الغياب عن ألعاب AAA عاد الاستديو مع سلسلة جديدة تحت مسمى The Dark Pictures Anthology صدر جزئها الأول مؤخرا بعنوان Man of Medan لأجهزة PS4 و Xbox One و PC.

تماما مثل Until Dawn تعتبر Man of Medan لعبة رعب تفاعلية تركز أحداثها على مجموعة من الشباب المنطلقين في رحلة بحرية في مكان ما جنوب المحيط الهادي، بدءا من الأخوين براد وأليكس وجوليا صديقة أليكس وشقيقها كونراد ووصولا إلى قبطان السفينة “فليس”، ومن خلال مجموعة بسيطة من الحوارات التفاعلية التي تتطرق لماضيهم، لن يجد أي شخص صعوبة في معرفة الأزمة المالية التي يعاني منها القبطان والعواقب التي تعترض طريق استمرار علاقة أليكس وجوليا ناهيك عن تصرفات كونراد الوقحة كونه يمثل الشخصية التي يكرهها الجميع في بداية أي عمل فني سواء فيلم سينمائي أو لعبة فيديو.

قصة اللعبة تستمر لقرابة 5 أو 6 ساعات لعب، وهي مدة قصيرة نوعا ما ولكن فريق التطوير أعتمد بشكل أساسي على إمكانية إعادة الأحداث ومعرفة النتائج المختلفة التي سيتوصل لها كل لاعب، رغم ذلك بدا لي بشكل واضح بعد 3 ساعات لعب أن Man of Medan ما هي إلا نسخة أقل جودة من Until Dawn، حيث نجحت حصرية PS4 في تقديم الأبطال بطريقة أفضل وإعطاء اللاعب الوقت الكافي للتعرف على كل شخصية عن قرب، أضف إلى ذلك تنوع الخيارات والنتائج المترتبة عليها وتأثيرها بشكل مباشر على باقي الأحداث، على سبيل المثال كان يمكن للعلاقة المتوترة بين أثنين من الشخصيات أن تقودهم إلى موقف عصيب حين ينجو شخص واحد فقط، ولكن في Man of Medan ستشعر أن خياراتك لا تصنع الفارق دائما وأن حوادث القتل ستتم أجلا أم عاجلا في نقاط محددة دون أن يكون لك تأثير حقيقي فيما يحدث باستثناء القدرة على إتباع خيارات محددة تضمن النجاة لأكبر عدد ممكن من الطاقم.

نصف أحداث اللعبة تقريبا تتم على متن سفينة مهجورة من فترة الحرب العالمية الثانية يسيطر عليها مجموعة من الخارجين عن القانون والكثير من الأشباح، أما السفينة نفسها فهي أقرب إلى متاهة بسبب تشابه الممرات والطرق المختلفة الأمر الذي جعلني أضل طريقي أكثر من مرة بسبب التصميم وكاميرا التصوير المزعجة في العديد من المواقف، بينما يجد اللاعب نفسه يتعرض كل فترة قصيرة أما لمطاردة غير متوقعة تنتهي بشكل مأسوي أو لحظة حاسمة يترتب عليها مصير أحد الشخصيات الرئيسية بحسب الأختيار الذي تستقر عليه.

الميزة الأبرز في Man of Medan هي تلك المواقف العشوائية التي تفرض على اللاعب إتخاذ قرار سريع في لمح البصر، والنتائج المختلفة التي يصل إليها اللاعب بناء على علاقته مع الشخصيات الأخرى، حيث تتغير سمات كل شخصية بحسب المواقف التي تعرضت لها، إذا كانت علاقتك جيدة بشخص ما سيحاول مساعدتك على الفور عندما تجد نفسك في مأزق، أما إذا كانت العلاقة متوترة ويسيطر عليها الحقد والكره فلن يتحرك ساكنا حتى وأن فقدت حياتك، وبالتالي تلعب الخيارات دورا هاما في توفير المساعدة للاعب في اللحظات الحرجة أكثر من كونها تؤثر بشكل مباشر على باقي مجريات الأحداث.

على الرغم من المدة الزمنية القصيرة للانتهاء من الأحداث، إلا أنني نظرت للأمر من الناحية الإيجابية، فسرعة الانتهاء من القصة لأول مرة وفر لي القدرة على خوض أحداث اللعبة من جديد والتطرق لقرارات وأفعال مختلفة كليا لتعديل مصير الشخصيات وإنقاذ كل من لم تسنح لي فرصة مساعدته في المرة الأولى، وبالفعل تكمن متعة اللعبة الحقيقية في إعادة خوض الأحداث أكثر من مرة ومعرفة كافة السيناريوهات وكيف يمكن أن تتطور العلاقة بين الشخصيات بشكل مختلف تماما عن الطريق الذي اتبعته في المرة الأولى.

أسلوب لعب Man of Medan وفر توازن مقبول نوعا ما بين إعطاء اللاعب كل الوقت الذي يحتاجه لدراسة الإختيارات جيدا والاستقرار على ما يراه مناسبا وبين الأحداث السريعة التي تحتاج إلى تركيز تام وسرعة رد فعل وإلا ستجد نفسك تفقد أحد الشخصيات في لمح البصر ما قد يصيبك بالحزن والأحباط رغم أن بعض الشخصيات تستحق هذا المصير دون أن تشعر بأي شفقة تجاههم، تلك الجزئية تحديدا تظهر بوضوح في الثلث الأخير من القصة، حيث ستتعرض لمواقف صعبة يمكن أن يؤدي الضغط على زر خاطيء خلالها إلى موت الشخصية مباشرة دون سابق إنذار وهو أمر قد يراه البعض غير مقبول خاصة بعد قضاء عدة ساعات في العمل على سمات الشخصية والإستقرار على الخيارات الأفضل.

كما هو الحال في أي لعبة تفاعلية، يمكنك الاستمتاع بالأحداث من خلال طور اللعب الفردي وإعادة القصة أكثر من مرة لفهم أبسط الأمور والعثور على الأجوبة التي غفلت عنها في المرة الأولى، ولكن Man of Medan تفخر بطور اللعب التعاوني مع صديق أو عبر شبكة الأنترنت من خلال التحكم في مجموعة من الشخصيات المختلفة عن تلك التي يتحكم فيها اللاعب الآخر والتواصل لنتائج مدهشة وإكتشاف جوانب مخفية ربما لم تسنح لك فرصة رؤيتها من قبل، كما أن هناك سيناريوهات محدودة لم أصادفها نهائيا في طور اللعب الفردي.

اللعب الجماعي لا يتوقف عند هذا الحد بل يمتد ليشمل طور Movie Night والذي يعد بمثابة نقطة فاصلة في الألعاب التعاونية لإطالة عمرها بشكل ممتع، في هذا النمط يتعاون 5 لاعبين سويا كل منهم يتحكم في شخصية واحدة ويتخذون قراراتهم الخاصة وتستمر الأحداث حتى الوصول للنهاية حيث يعتبر كل لاعب مسؤول عن حماية شخصيته والبقاء على قيد الحياة ومساعدة الآخرين إذا أتيحت له الفرصة، ولكن تلك الجزئية تحتاج إلى تفرغ تام نظرا لكون القصة تمتد لخمسة ساعات لإنهائها بالكامل.

بغض النظر عن الصراخ المبالغ فيه والمبالغة في ردود الفعل في بعض المواقف المرعبة، يقدم فريق العمل أداء صوتي متميز يساعد على التفاعل ع القصة وتصديق المواقف المختلفة التي يتعرض لها اللاعب، كما قدمت اللعبة مستوى رسومي رائع في نماذج الشخصيات ونظام الإضاءة وتعابير الوجه، الأمر الذي يجعل Man of Medan أقرب إلى فيلم سينمائي من كونها لعبة فيديو.

.

Leave a Reply